حسن أوريد.. مسيرة مثيرة بين السياسة والفكر والأدب

0

حسن أوريد

مسيرة حسن أوريد بين السياسة والأدب في المغرب

حسن أوريد، شخصية سياسية وفكرية بارزة في المغرب، يعد أحد أبرز الأسماء التي تركت بصمة واضحة في المشهد الثقافي والسياسي المغربي. من كونه أول ناطق رسمي باسم القصر الملكي إلى تحوله إلى كاتب ومفكر مستقل، مرورًا بتجربته الدبلوماسية والأكاديمية، تمثل مسيرة أوريد نموذجًا فريدًا للتفاعل بين السلطة والمعرفة. في هذا المقال، سنستعرض حياة حسن أوريد، مسيرته المهنية، إسهاماته الفكرية والأدبية، ودوره في النقاش العام حول قضايا الإصلاح والحداثة في المغرب.

ميلاد ونشأة حسن أوريد

ولد حسن أوريد في 14 يوليو 1962 في قرية "تازموريت" الأمازيغية، بالقرب من مدينة الراشيدية في جنوب شرق المغرب. ينحدر من أب صحراوي وأم أمازيغية من منطقة ميدلت. نشأ في أسرة متواضعة، مما أثر في تكوين شخصيته ووعيه المبكر بقضايا الهوية والتنوع الثقافي في المغرب.

الدراسة والتكوين

نشأة حسن أوريد

تميز أوريد بذكائه وحصوله على نتائج أكاديمية متميزة، مما أهله للالتحاق بالمعهد المولوي في الرباط، المدرسة التي تدرس فيها العائلة الملكية. هنا، تقاسم مقاعد الدراسة مع الملك محمد السادس، الذي كان وليًا للعهد آنذاك. هذه العلاقة المبكرة مع الملك سيكون لها تأثير كبير على مسيرته المستقبلية.

بعد تخرجه من المعهد المولوي، التحق أوريد بكلية الحقوق في جامعة محمد الخامس بالرباط، حيث حصل على شهادة الإجازة في القانون العام، ثم دبلوم الدراسات المعمقة. في عام 1999، نال شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية ببحث حول "الخطاب الاحتجاجي للحركات الإسلامية والأمازيغية في المغرب"، مما يعكس اهتمامه المبكر بقضايا الهوية والسياسة في المغرب.

المسيرة المهنية لحسن أوريد

بدأ أوريد مسيرته المهنية في وزارة الخارجية المغربية عام 1987، حيث عمل كمكلف بالدراسات في مكتب الوزير عبد اللطيف الفيلالي. في عام 1995، انتقل إلى واشنطن ليشغل منصب المستشار السياسي في السفارة المغربية. ومع ذلك، لم تدم إقامته في الولايات المتحدة طويلاً، حيث عاد إلى المغرب ليعمل أستاذًا في المدرسة الوطنية للإدارة وكلية الحقوق بالرباط.

في عام 1999، تم تعيين أوريد كأول ناطق رسمي باسم القصر الملكي، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2005. خلال هذه الفترة، حاول أوريد إضفاء طابع حداثي على التواصل الرسمي للقصر، مما جعله شخصية بارزة في المشهد الإعلامي والسياسي المغربي.

بعد ذلك، عُين محافظًا على جهة مكناس تافيلالت، حيث واجه تحديات سياسية وإدارية كبيرة، خاصة في تعامله مع مجلس المدينة الذي كان يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية. في عام 2009، عاد أوريد إلى القصر الملكي بصفة مؤرخ للمملكة، وهي المهمة التي مارسها حتى عام 2010.

التجربة السياسية والفكرية

بعد مغادرته دوائر السلطة، اتجه أوريد نحو العمل الفكري والأدبي، حيث أصبح صوتًا نقديًا بارزًا في النقاش العام حول قضايا الإصلاح والحداثة في المغرب. عبر مقالاته وكتاباته، قدم أوريد تحليلات عميقة لقضايا مثل الإسلام السياسي، الأمازيغية، ومقاومات الإصلاح في الدولة المغربية.

أصبح أوريد رئيسًا لمركز الدراسات والأبحاث "طارق بن زياد"، ومستشارًا علميًا لمجلة "زمان" المتخصصة في البحث التاريخي. خلال هذه الفترة، كرس نفسه للكتابة والبحث، حيث تنوعت إصداراته بين الدراسات التاريخية، الاجتهادات الفكرية، والإبداعات الأدبية.

مؤلفات ولإسهامات الأدبية لحسن أوريد

حسن أوريد

تميز أوريد بتنوع إنتاجه الفكري والأدبي، حيث كتب باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية. من بين أبرز أعماله:

  1. "الإسلام السياسي في إيران": ترجمة لكتاب يتناول تطور الإسلام السياسي في إيران.
  2. "مرآة الغرب المنكسرة": دراسة نقدية للأفكار الغربية في المجالات الاقتصادية والسياسية والدينية.
  3. "الحديث والشجن": رواية أقرب إلى السيرة الذاتية، تعكس تجارب أوريد الشخصية والفكرية.
  4. "الموريسكي": رواية تتناول قصة الموريسكيين الذين تعرضوا للاضطهاد في الأندلس، مستوحاة من سيرة أحمد شهاب الدين أفوقاي.
  5. "سيرة حمار": رواية أثارت جدلاً بسبب رمزيتها السياسية.
  6. أفول الغرب: يتناول الكتاب مسيرة الهيمنة الغربية على العالم، مستعرضاً كيف وقعت غالبية دول العالم تحت نفوذه، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين. يرصد المؤلف كيف أصبحت الليبرالية الجديدة النموذج السائد عالمياً، كما يبين أليات  هيمنة  الرأسمالية الأمريكية واقتصاد السوق و سيطرتهما على اقتصاديات معظم دول العالم من خلال أذرعها المالية، وبالأخص صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
  7. الشعبوية أو الخطر الدهم 2023
  8. رواية الباشدور 2024 رواية
  9. الموتشو : ووفق ورقة تقديمية لدار النشر، فإن الكاتب والمفكر في هذا العمل يضع القارئ "أمام مرافعة أدبية لما يعتري العالم العربي، وما يتوزعه، وعلاقته بالآخر، منذ الفترة المؤسسة، مع حلم الوحدة، وما رافقها من انكسار، إلى الربيع العربي، فالأصولية، حتى موجة التطبيع


النقد والجدل

وضعت مواقف أوريد النقدية تجاه ممارسات الدولة العميقة (المخزن) في قلب الجدل حول إشكاليات الإصلاح والنخب في المغرب. عبر مقالاته وندواته، قدم أوريد رؤى نقدية حادة، مما جعله هدفًا للانتقادات من قبل بعض الأوساط السياسية. ومع ذلك، حظيت أفكاره باهتمام واسع، خاصة فيما يتعلق بقضايا التحديث والإصلاح.

حسن أوريد يمثل نموذجًا فريدًا للتفاعل بين السياسة والفكر في المغرب. من كونه ناطقًا رسميًا باسم القصر الملكي إلى تحوله إلى كاتب ومفكر مستقل، أظهر أوريد قدرة على التكيف مع التحديات والمتغيرات. عبر مسيرته الغنية، قدم إسهامات كبيرة في المجالات السياسية والفكرية والأدبية، مما جعله شخصية لا يمكن تجاهلها في المشهد الثقافي المغربي.

إرسال تعليق

0 تعليقات
* من فضلك لا تقوم بتكرار التعليق، جميع التعليقات تراجع من قبل المسؤول !

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*

موقعنا يستخدم الـ Cookies من اجل تجربة مستخدم افضل اقرأ المزيد
Accept !